تم النشر في الجمعة, 5 يوليو 2019 , 09:24 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , مقالات

الحلقة الرابعة والعشرون من رواية ( عين الحريم ) للاستاذ أحمد المغلوث

لوحه لعين ام سبعه قديما وتبدو اعلى اللوحه يمين جانب من استراحات النساء كما رسمها المؤلف

الحلقة الرابعة والعشرون 

 

صفعة وأهانه

قال أبن عمه .. تصوروا يا جماعة  أنه من وقت الغداء وهو ( متنقع ) بين الحريم .. في استراحة 9  .. ناس ما نعرفهم.. لا  .. وتكرم عليهم   بأكل  من عندنا ..في ذمتكم .. ألا يستحق ( الكف ) اللي عطيته إياه .. ؟! شتمه بينه وبين نفسه ..بل أنه حمله بيديه النحيلتين ورماه في العين .. وبصق عليه ..وكاد يقول لهم .. انه كذاب.. ولكن ما قاله هو الحقيقة ..أنه يستحق ماجاه من ( كف ) جعلت أسنانه تصطك ..!! لكن لا يستحق أبدا أن يخبرهم .. وان يعلن فعلته على رؤوس الأشهاد .. !! ومع هذا كف يفوت ولا أحد يموت ..!! المهم أنه وسع صدره وشاهد ما شاهد  ..!!

لكنه داخل صدره كان حزينا جدا فلقد .. أهانته صفعة أبن عمه (كف) أمام صاحبه ولم يكتف بذلك، فهاهو ينشر الخبر بين جماعته وأهله وأصحابه .. ماذا يفعل الآن .. لاشيء .. عليه الصمت .. وتقبل هذه الاهانة .. وسط هذه التبريرات .. راح يفكر في الجوانب الممتعة التي حصل عليها خلال وجوده في حمام النساء..النساء.. الفتيات.. الرقص بحياء وحشمة ..

لعب الفتيات الصغيرات .. لا ينظرا ليه.. أشاح بوجهه عنه .. من اليوم وصاعد سوف يمسحه من ذاكرته .. كما يمسح بالممحاة خطوط الرسم ا الخاطئة .. ومن بعيد أتاهم صوت أبن خاله يدعوهم للمغادرة فالسيارات جاهزة..!! على وشك الانطلاق ..

 

لوحة جميله

قبل أن يغادر ألقى نظرة سريعة على مباني الاستراحات، والتي كانت على امتداد واحد يحيطها سور طيني بارتفاع أربعة أمتار وكل استراحة لها باب خشبي صغير ..وتناثرت أمام السور بعض أشجار النخيل وخلف الاستراحات بدت واضحة غابات النخيل التي تشكل معها لوحة جميلة .. وكانت بعض أشعة شمس الغروب التي بدأت تختفي تركت نوعا من النور على بعض أوراق سعف النخيل كأنها تترك بعضا من بصماتها النورية .. فراحت السعفات وهي تتمايل مع نسمات الصيف المسائية اللطيفة تذكره بتمايل تلك الفتيات وهن يحركن رؤوسهن و شعورهن المفتولة ذات اليمين والشمال وبحركات إيقاعية لا أجمل .. راح يتذكر ذلك وهو يتحسس ( كف ) ابن عمه الذي مازال أثره واضحا على وجهه القمحي .. وهو يواسي نفسه .. من أجل (  رقص البنات )..!!

                                     بياض القمر

دخل البيت .. وتوقف ناظرا في المرآة الصغيرة الموضوعة في الرواق ونور ( اللمبة ) الأصفر ينشر ضوءه الضعيف في المكان..بدأ اثر ( الكف ) يختفي .. لاحظته والدته يتحسس خده.. سألته .. خير عسى أسنانك ما فيها شيء .. تعود أن يصارحها بما يحدث له .. أخبرها القصة من لحظة ذهابهم  .. إلى لحظة الفضيحة كما تصورها .. اقتربت منه والدته .. بصراحة أبن عمك معه حق.. تصرفك غلط في غلط وعيب اللي أنت  فعلته .. واهتمامك بالحريم  ومتابعتهم  .. أخشى أن يجلبن لك المتاعب   أو يتسببن لك في مشكله .. وتظاهر بأنه متأسف .. وأنه لن يعود لمثل هذا العمل مرة أخرى.. وأعقبت كلماته ..حالة من الصمت والترقب.. لم يكن يسمع خلالها إلا أذان العشاء .. وصوت شقيقته تنادي على أم فرج لجمع الملابس المنشورة في السطوح ..

القمر يرتفع في السماء ناشرا بياضه الضوئي والنجوم بأنوارها تشكل عقودا من النور متناثرة بصورة بديعة.. لوحة ربانية منذ الأزل تشع على الحياة بالجمال والروحانية والعظمة ..  راح يعدل من ازار ثوبه الأبيض المكوي امال قليلا وضعية طاقيته  وشمل بنظره قبل خروجه من باب البيت والدته وشقيقته وابنها الصغير الذي بدأ يحبو في باحة البيت المكسوة بالمداد وبعض قطع ( البسط ) ثم قال لوالدته: ربما أتأخر الليلة..!! لا تغلقوا الباب ..

يسرع الخطى متجها لبيت العرس فالليلة  ليست ليلة عادية فابن عم جارهم  سوف يتزوج  .. لقد احتفلوا به عصر اليوم في عين أم سبعة وسوف يستكمل الاحتفال بجولة على بعض البيوت التي تحتفي به فالليلة ( ليلة الطيب )

وسوف يتوافد على هذه البيوت الكثير من المدعوين ..وسوف يسير موكب المعرس  مخترقا أزقة الحارة تحت أضواء الاتاريك .. لقد أصر والد المعرس على أحياء تقليدا تراثيا تعود عليه أبناء مدينته في الماضي عندما كان موكب المعرس يسير تحت أضواء حاملي ( الاتاريك ) ومع وجود الكهرباء الآن في المدينة إلا أن والد المعرس أحب أن يكون لهذه العادة  التراثية عودة في عرس أبنه سلمان ..لقد خصص لها أكثر من 12 رجلا لحمل الاتاريك .. كان منظر الموكب وهو يخترق الأزقة ..منظرا جميلا وأسطوريا يذكر ه ببعض المشاهد فيما قرأه من روايات وقصص..

ولا ينسى أبدا حملة المباخر والمرشات العطرية وهم  يتقدمون الموكب بفخر واعتزاز وفرح والأطفال الصغار وحتى الكبار يتراكضون أمامهم وخلفهم .. في سعادة وحبور ..

هناك من ينظر للمعرس وهو في كامل زينته وأناقته  بحسد .. وهناك من ينظر إليه بغبطة .. وآخرون يدعون ربهم   مخلصين أن يتحقق حلمهم بالزواج وان يحضون بموكب كبير كهذا .. ينظر إليه أبن عمه الذي ضربه

( الكف )  باسما .. يشيح النظر عنه ويتأفف.. يقترب منه هامسا يا راعي الحريم ؟؟!! أروع صفه ..كل الخلفاء والأباطرة والملوك والقادة  يموتون من أجل الحريم  .. بل أن أكثرهم مات بسبب الحريم .. كاد يقول له يا جاهل ألا تعلم أن الحريم هم  أساس مشاعرنا وأحاسيسنا  ..؟! آه لو شاهدت ما شاهدت من نساء وفتيات .. وآه لو قرأت ما قرأت من كتب وقصص وروايات تتحدث عن الحريم .. وقصص الحريم وكيد الحريم .. هل يقول له عن دور الجواري والحريم في عمل الدسائس وما تحقق بعد ذلك بفضلهم من مؤامرات وانقلابات.. هل يحكي له أنهم وراء ما أبدعه الفنانون من أعمال خالدة في الفن التشكيلي من رسم ونحت وما أبدعه الكتاب العظام من أعمال كتب.. قصص .. روايات.. وشعر . وكل شيء جميل في هذه الحياة .أليسوا الحريم وراء هذا كله وأكثر من هذا كله .. ولأنهم يقومون بهذا الدور الشمولي في الحياة فان للحريم سطوة لا يعرفها إلا من عايشهم وعاش معهم.. فالحريم لا يعلو صوت فوق صوتهم.. مهما حاول البعض إنكار ذلك أو إخفاء مشاعره تجاههم ..  وعندما تدعو المرأة الجميع يستجيب .. فلا يعلو صوت فوق صوت المرأة.. الجميع يهرولون إلى حماها طالبين ودها وباحثين عن عطفها .. وعندما تأمر عليهم السمع والطاعة .. دول تقودها نساء ومنذ فجر التاريخ  نفرتيتي .. بلقيس .. زنوبيا .. الخيزران.. شجرة الدر ..كليوبترا..أرجمند ممتاز .. ماري أنطوانيت  أم يتحدث عن أمهات المؤمنين ودورهم الخالد في الإسلام ودعمه ونشره   ومئات من النساء اللواتي كان لهن دورا كبيرا في هذه الحياة .. ماذا يقول له .. وهو لا يرى ابعد من أرنبة أنفه ..!

عطور وبخور

أبتعد  عنه .. سار خلف المعرس مباشرة .. رائحة العطور والبخور تعبق في الطريق المترب ..وأضواء الاتاريك حولت ظلام الطريق ..إلى ضياء مشرق ليمتزج بابتسامات الناس ..أهل المعرس .. والمدعوون والسائرون في الموكب.. هذا هو بيت  أبو إبراهيم أنه سوف يحتفي بالمعرس .. دخل الجميع في باحة بيته والذي فرشت ساحته الداخلية  بالسجاد والمساند  .. حفاوة بالغة وترحيب كبير وابتسامات عريضة منه وأبناؤه وهم يرحبون بالمعرس ومن معه..وصبيانه  الكثر يسرعون الخطى وهم يحملون دلال القهوة والشاي .. بعضهم كان يحمل مرشات العطور والمباخر الخشبية المطرزة بالفصوص والمرايا الصغيرة الملونة .. إنها مباخر تشكل تحفا لا أروع أبدعتها أنامل أبناء مدينته..  بعد استراحة قصيرة في بيت  أبو إبراهيم .. غادر موكب المعرس إلى بيت آخر لاستكمال احتفالية ( ليلة الطيب ) والعرس..!! ، يتبع غدا

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.

اقتصاد

سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس الهيئة السعودية للمقاولين

متابعة المواطن اليوم استقبل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء بمكتب سموّه بمقر المحافظة اليوم […]

  • مايو 2024
    س د ن ث أرب خ ج
     123
    45678910
    11121314151617
    18192021222324
    25262728293031
  • Flag Counter
  • Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com