تم النشر في الثلاثاء, 7 مايو 2019 , 10:06 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , كلمة المواطن اليوم

رأي في ” الجريش “

 

أحمد المغلوث /

كان يجلس  الى سفرة الطعام مع افراد أسرته لتناول طعام السحور . وكانت السفرة عامرة بما لذ وطاب من الاطعمة الرمضانية الشعبية المتوارثة بعضها من بقايا “سفرة ” الإفطار إضافة الى طبق السحور الرئيسى والذي أعدته الليله  خالته التي تقيم معهم خلال سفر زوجها الى خارج الوطن في مهمة عمل . كانت الخاله تراقب  الجميع وهم يتناولون الطعام بل انها كانت تركز النظر على من يمد يده لطبقها الذي اعدته لترى تأثير طعمه  ومدى اقباله عليه  ..هذه المراقبة نتيجة لانه  اول طبق من ” الجريش” تعده بنفسها بعدما طلبت منها والدته  طبخه . لقد جلست بجوار” الموقد ”  الذي كان يحتل جزءا من مساحة اقتطعت من تحت ” الدرج ” المؤدي الى السطح وهذا المكان  هو مطبخ البيت في الماضي . كان القدر الذي طبخت فيه  ” الجريش ”  يحمله موقد حديدي رباعي الارجل .وبجانبه خزانة خشبية بدون ابواب وضعت فيها زجاجات وعلب  بداخلها مختلف التوابل  وكل ماله علاقة باعداد الطعام .كانت مثل غيرها تجلس امام الموقد على ركبتيها . ورغم  ما كانت تشعر به من الأم  الا انها تعودت على ذلك  مثل  ملاين من رباب البيوت  فيما مضى من زمن .تنهدت اكثر من مره وهي تراقب ردود فعل أبناء وبنات شقيقتها وهي تدعو الله مخلصة ان يكون ” جريشها ” يشرفها . آه لو تستطيع ان تدخل في نفوسهم جميعا وتعرف رأي كل واحد وواحدة منهم   والذين تحلقوا حول “سفرة السحور ”  كانت في شوق لمعرفة ذلك كشوقها لزوجها الحبيب . عند هذه اللحظة غص صوتها وكادت تبكي شوقا اليه  .بل تمنت لو كان يجلس معهم لتناول ” الجريش ” جعله يعيش . وفجأة قالت عسى طبخي عجبكم أن شاء الله ” الجريش ”  زين . فرد  ” صلوحي ” ابن شقيقتها بصراحة طعمه مثل الطين  . ! قالها وهو يتناول معلقة من المهلبية . فلكزته والدته وانحنت عليه هامسة ومعاتية .. فقال بس يا خالتي  انا : أموت في الطين . حتى ان جدتي تقول ان امي لما كانت حامله بي . كانت تاكل طين  . صحيح يا يمه .؟  قوليها بصراحه . انك السبب وراء عشقي للطين تسرب هذا العشق حتى أثر فيني الى اليوم .. وراح يتفلسف : اصلا ليس بمستغرب ان يعشق ويحب الواحد ” الطين ”  اليس الإنسان  خلقه الله من ” صلصال ” يعني طين . وبذل صلوحي جهودا متعددة  لتبرير  وصفه  لجريش عمته . ولكن كل ما استطاع أن يحصل عليه هو اشادتهم بأن عشقه للقراءة  وتميزه في المدرسة وحفظه لاكثر من جزء من القرآن الكريم وحرصه على مطالعة مجلات سندباد وميكي وبساط الريح  كل هذا حسن  من وعيه . وبدأت ملامح خالته  تأخذ طابع مشرق كأنما كلماته وتبريره ” ممحاة ” كبيرة استطاعت ان تمسح رأيه الاول .. تذكرت الخالة ذلك وهي جالسة على مائدة الطعام  في بيتها العصري  تتناول السحور  وامامها طبق ” الجريش ” الذي اعدته حفيدتها الطبيبة .  وهي تسألها نفس السؤال الذي   طرحته على أبناء شقيقتها قبل اربعة عقود   وتردد بينها وبين نفسها الحمد لله الذي بلغنا رمضان وعقبال كل عام ..؟!      

 almaglouth@yahoo.com

 

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.

اقتصاد

سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس الهيئة السعودية للمقاولين

متابعة المواطن اليوم استقبل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء بمكتب سموّه بمقر المحافظة اليوم […]

  • مايو 2024
    س د ن ث أرب خ ج
     123
    45678910
    11121314151617
    18192021222324
    25262728293031
  • Flag Counter
  • Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com