تم النشر في الخميس, 2 أغسطس 2018 , 05:39 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , الآراء والصور

الملابس الغاضبة


د. عبد الله المغلوث

قبل أكثر من 20 عاما اندهشت من عدم اكتراث قريبتي بملابس ابنتها الصغيرة التي لا تتجاوز أربعة أعوام وقتئذ. كان ترتدي ملابس غير منسجمة. كل قطعة من ملابسها تناقض الأخرى كأن بينهم عداوة وبغضاء. ناهيك عن تسريحة شعرها التي لا تتناسب مع عمرها. كانت قريبتي محل لوم وعتب الجميع إثر عدم مبالاتها وتركها الحبل على الغارب لابنتها.
مازلت أتذكر كيف ينعتها الجميع خلفها وأمامها بالسلبية وعدم القدرة على تربية ابنتها إثر سماحها لها بفعل ما تريد.
توقعت أن الهجوم والانتقاد الذي تتعرض له قريبتي سيسهم في تغييرها نهجها مع ابنتها الغضة. سيدفعها إلى إعادة النظر في ردة فعلها تجاه أسلوب طفلتها.ليس سرا كنت أحد المعارضين لسلبية قريبتي واصطففت مع حشود المناوئين والمناهضين لمنهجيتها وأفشيت لها احتجاجي تجاه سلوكها مع ابنتها.اللافت أَن قريبتي حافظت على تماسكها وابتسامتها إزاء كل النقد الذي أمطرناها به. ولاذت بالصمت تجاه كل ردودنا الغاضبة والعاصفة.  لكن بعد مرور سنوات طويلة على انتقاداتنا فاجأتني قريبتي باتصال طويل أخبرتني من خلاله أنها لم تنس انتقادي وغيري تجاه أسلوبها مع ابنتها وتدخلنا السافر في طريقة تربيتها. قالت لي بصوت يحمل عتبا عميقا: “ابنتي يا عبدالله الآن لديها متجرها النسائي الخاص الذي يحقق انتشارا وإقبالا كبيرا. خطها في تصميم الأزياء محل تقدير الجميع بمن فيهم أقرباؤنا الذين كانوا يضيقون ذرعا من ملابسها عندما كانت طفلة”.
ترى قريبتي أن المساحة التي منحتها ابنتها وهي صغيرة للاختبار والاختيار هي التي جعلتها تجرب مبكرة حتى أصبحت مصممة أزياء مميزة وشخصية تنعم بثقة ومهارات تواصل مبهرة.أتفق كثيرا مع قريبتي أن منح الثقة بوعي لأطفالنا صغارا سيصقلهم كبارا.
علينا أن نتحمل ونصبر لأننا حتما سنظفر. عندما نمنع أطفالنا من المحاولة فنحن نحرمهم التألق والإبداع. الأهم أن نكون قريبين لندعم ونؤازر.
وأوجه نصيحة لنفسي قبل الآخرين. اعرض أفكارك وآراءك على الآخرين لكن لا تفرض. افترض أن رأيك خطأ قبل أن يندلع من لسانك. وردد النصيحة عشر مرات على نفسك قبل أن تطلقها. فلعلك تعيد التفكير وتتراجع. الاندفاع جميل في كل الأشياء إلا في النصيحة.
وتذكر يا صديقي أنه كلما أتحت مساحة لأبنائك وأحبتك، فاجأوك بمواهبهم وقدراتهم. تضييق الخناق يصنع شخصيات مشوهة. لا تملك أي شيء سوى إعادة إنتاج الرتابة والملل والنمطية في صور حافلة بالرداءة.

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.

اقتصاد

سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس الهيئة السعودية للمقاولين

متابعة المواطن اليوم استقبل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء بمكتب سموّه بمقر المحافظة اليوم […]

  • أبريل 2024
    س د ن ث أرب خ ج
     12345
    6789101112
    13141516171819
    20212223242526
    27282930  
  • Flag Counter
  • Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com