تم النشر في الخميس, 26 سبتمبر 2013 , 12:39 مساءً .. في الأقسام : أهم الأخبار , الآراء والصور
عبدالله المغلوث
حضرت خطبة في مسجد في الجامعة، التي أدرس فيها بمانشستر في بريطانيا. تناولت الخطبة التحضير لاختبار (الآيلتس)، نظام اختبار اللغة الإنجليزية الدولي. قام الخطيب، من أصل باكستاني، بتقديم اقتراحات للمصلين، عن كيفية الاستعداد لهذا الاختبار من واقع تجربته الشخصية متى بدأ الاستعداد له، وكيف استعد له، والوقت الذي استغرقه في سبيل الحصول على درجة مكنته من الالتحاق بالجامعة، ودخول التخصص الذي يرغب فيه.تحدث عن الأخطاء التي اقترفها، والأيام التعيسة التي عاشها، والهموم التي عاناها، وكيف تجاوزها.حشد في الخطبة أفكارا جميلة وعملية تفاعل معها المصلون بوضوح. شعرت بحجم إعجابهم بالخطبة من خلال إصغائهم وعدم انشغالهم بأصابعهم أو سقف المسجد. كان تركيزهم في اتجاه المنبر، ولسان حالهم يهتف للخطيب قائلا: استمر ولا تتوقف.فور أن انتهيت من الصلاة التفتُ نحو جاري في الصلاة الطالب الليبي. قلت له: ”خطبة عظيمة. أليس كذلك؟ رغم أن اختبار ”الآيلتس” لا يعنيني، لكن استمتعت واستفدت”، فرد: ”أتفق معك”، ثم سحب دفة الحوار مني، ودعاني إلى أن أزوره في ألمانيا، حيث تقيم أسرته؛ لكي نذهب معا إلى مسجد مدينته. قلت له: ما المثير في مسجدكم الألماني؟ فأشار إلى أن المسجد يتناول في كل خطبة قصة نجاح مهاجر مسلم في ألمانيا. يدعم القصص بالأرقام والحقائق وكل العناصر التي تلهم المصلين وتدفعهم لتحقيق النجاح ذاته.تمنيت فعلا لو ظروفي تسمح يوما لأزور هذا المسجد وأنتشي بمثل هذا النوع من الخطب المبتكرة والمشجعة.عندما فرغت من الصلاة وعدت إلى المنزل وتذكرت الخطبة التي سمعتها والأخرى التي أخبرني عنها جاري الليبي، تمنيت أن تنتقل عدوى هذه الخطب إلينا، أن تتغير خطبنا التقليدية وتتناول تحديات معاصرة وتجارب شخصية وحملات تطوعية وقصص نجاح مجاورة.أن تتحول الخطبة إلى مشروع أسبوعي يساعد ويلهم وينهض بالمصلين، لا أن تكون مجرد محاضرة كلاسيكية قطفها الإمام قبل الصلاة من موقع في الإنترنت.مع الأسف هناك عزوف عن حضور الخطب. العديد من المصلين لا يحضرون سوى للصلاة. الكثير من الخطباء يصرخون ويهددون وينددون. القليل يشجع ويحفِّز ويبتسم ويتجدد.أرجو أن يأتي اليوم، الذي أرى فيه السواد الأعظم من خطبائنا يتحاورون مع متابعيهم في مواقع التواصل الاجتماعي حول خطبهم المرتقبة. يتناقشون بشأنها ويستمدون الأفكار من بعضهم، أن تكون خطبنا ثمرة لحوارات ومشاريع وأفكار مشتركة لتكون جديرة بالإصغاء والاهتمام والاستذكار.بوسع منبر الجمعة أن يساهم في تغيير مجتمعاتنا إيجابيا، والأهم أن يوقظ روح الأمل فينا لا أن ينشر النعاس والتثاؤب في أرجائنا.
المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها
اترك تعليقاً